مفقودة في الحرب


عزيزتي:
إليك أخط رسالتي التاسعة بعد المئة :
ما زلتُ أرى وجهك في كل شئ، على زجاج السيارات ونوافذ المنازل، في الإعلانات التجارية، في زهور النرجس المتناثرة على جوانب الحدائق، تلك الحدائق التي جلسنا بها سوية، كان فراقكِ فجائيا لعاشق مثلي وصل أخيرا إلى نشوة الحب ، حدثٌ لم استعدّ له كما يجب، ضربٌ من المستحيلات السبعة التي يصعب تصديقها، لأظل بعدها هائما في طيف ذكراك، وسمفونيات بيتهوفن التي وهبتيني أياها ، ثملًا من صورك التي لا زلت احتفظ بها، الله يشهد كم حاولت أن أقتفي أثرك، كم حاولت لحاق ظلك الذي تراقص على جدران قلبي الرمادية، لكن الحرب كانت أسرع من أن تهبني فرصة لأمساكك، فرصة للغرق في لون عيناك،ضعتِ الان في متاهة مابين الأسرِ والترحيل و الوفيات الي دفنت بين حطام الذكريات و بيتنا المدمر فَسُجِّلَّ اسمك في لائحة المفقودين وضعتُ أنا في ألم ابتعادك، قنبلة واحدة كانت كفيلة لتمزيق كل أواصر الاقتراب بيننا ، أنا اليوم على أعتاب التسعين التي لا أدري ان كنت أدركتِها أم أن الموت أدرككِ من قبلها ، أنسى تناول أدويتي، أنسى إغلاق الانارة وقفل الباب، لكنني ما نسيتك أبدا ، علَّ عيناي تلتقي بعيناك يومًا فيدور بينهما حديث صامت ، علّي احتضنك فأحرقك في نار شوقي.
 

تم عمل هذا الموقع بواسطة