وطن الياسمين


نحن الذين أخرجنا منك ولكنك مازلت محفوظا في قلوبنا
غادرناك مسرعيين وبقيت قلوبنا خلف اسلاك الحدود
نعم رحلنا عنك لكن بعد مابذلنا كل مابوسعنا لنبقى
بعد أن صار خبزنا ممزوجا بالدم وأصبحنا ندوس على بيوتنا التي سوييت بالأرض في الطرقات
أخرجنا قسرا إلى المجهول، إلى اللامكان..
اقتلعنا من جذورنا فكيف للشجر أن يعود للحياة بعد أن يقتلعوه من جذروه؟
كيف للورود أن تنمو بعد قطفها من التربة؟
هكذا نحن، ضحايا هذا العصر القذر
هناك حيث رفضنا العالم البشع وأغلق أبوابه في وجوهنا
وتذللنا إلى الصديق قبل العدو، عله يسمح لنا بالمكوث في بلاده لكن دون جدوى ودون نخوة ودون إنسانية
رغم أننا فتحنا أبوابنا للغريب والقريب، وأسكنا الجميع في قلوبنا قبل بيوتنا ولم نبقى الآن سوى غرباء عابرون في هذا الزمن حتى على أرضك ياوطن
نحن نحسد من هم على أرضك وأولئك الذين على أرضك يحسدوننا
فأصابت لعنتك جميعنا، الذي بقي بداخلك والذي خرج منك.
نحن الذين تشتتنا في أصقاع الأرض
ضاقت الأرض بما رحبت ياوطني
آاااه ياوطني.. كم كسرنا فراقك، كم جار علينا الزمان
جعلوك مقبرة لأبنائنا محرقة لنسائنا ومعتقل كبير لرجالنا ولم يبقى منك سوى حجارة وحصى
شربت أرضك من دماء خيرة شبابنا
قتلونا ورقصوا على جثثنا و دمائنا
تفتت أحلامنا وتحطمت آمالنا
لكن مازلت في قلوبنا ولم تغادرنا
نهوى رائحة ترابك
نحب تفاصيل مدننا ونعشق أرضك
نحب صباحاتنا فيك مع فنجان القهوة وصوت فيروز
شربنا من ماءك واستنشقنا هواءك فكيف لنا أن نخرجك من قلوبنا؟!
الوطن غال على قلب كل عاقل مهما عانى فيه
عندما غادر النبي صلى الله عليه وسلم مكة قال(والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت)
مع أن مكة صحراء
هناك ولد وهناك كبر وعاش ذكرياته.
اشتقناك
أما زالت رائحة ياسمين شامنا يفوح عبيرا رغم الدماء التى شربت منه ترابك؟
أما زالت الغوطة منبع الخيرات أم أن الخيرات قد نضبت؟
أما زالت حلب محركك الاقتصادي أم أنها صمتت بعد الألم والدمار؟
أما زال شعب حمص ذو حس فكاهي يسرقون القلب ببياض قلوبهم أم أنهم قد دفنو الفكاهة مع شبابهم الذين سرقتهم الحرب؟
أما زالت اللاذقية عروس الساحل ومقصد للسياحة الداخلية أم أن السياحة لم تعد موجودة؟
أما زال أهل الدير مضيافين وأهل الكرم والشهامة أ أن الحرب كسرت ظهورهم؟
تغيرت الأحوال يا وطني
أرضك لم تعد تشبع من دمائنا
وتغيرنا نحن
وتغيرت أنت
فهل أراك سالما منعما وغانما مكرما؟
فأنا يا وطني يقتلني الحنين فمتى يزول منك الأنيين

رامز بركات









بقــــ

تم عمل هذا الموقع بواسطة