حافة النسيان


في اليومِ الثالث من شهر مارس في تمام الساعة الثالثةُ والثلاثونَ دقيقةٍ وثلاثة ثوان بعد مُنتصف الليل، أكتب إليك شعور لن يصل على ظهر ورقة سيحرق حتمًا، أجثو على حافةِ النِسيان أنثر ذِكراه، مُعلنةٌ الإنتصار عليه، فأروي ضمأ روحي لسعادتها الأبدية، رحتُ أنسج ثوبَ الفرح بخيطانٌ صوفيةٌ زرقاء عل دفئها يصيب قلبي المتجمد فتسري الدماء بين شراينيه البالية فتضفي عليه ربيعًا زاهر بعد عمر من الخريف، ولونه المُزرق يبعث الأمل برحابِ روحي القاتمة، لطالما كان الأزرق لوني المفضل، ولطالما كانت السماء صديقي الوفي الذي يبعث بأرجاء روحي السعادة، انني أهيم بالأزرق عشق أو ربما بك عشقٍ!، اذكر ان لونك المفضل ايضًا هو الأزرق ملزمتك الزرقاء ذات الخط الأسود على حوافِها، إيطار نظارتك، قلمك المفضل ذو السائل الأزرقي، وكنزتك الزرقاء القطنية اشياء مازلت ترنوا لناظري فأزداد تَتِيمٌ به او بك لا أدري.

بتّ أرسل موجات شوقي مع نسمات الهواء علّه يحملها إليه فلا تَعُد ولا يعُد أو يعُد فتعود الحرارة تكسو جسدي وتزهر الورود بخلجاتِ جوفي، بتّ ارسم حروف اسمه على جدران المنازل، حواف المقاعد، جذوع الأشجار ورمال البحر، انك لعنة الجوى المطرزة على ضفاف قلبي المقرح بندوب هواك، على سفح جبيل اعتلي فؤادي البالي المحمل بأكوام من الأسى، حاملةٌ على ظهري شُعوري الهائم؛ لأنثرها بين جوانب الوادي؛ كسماد علّها تُزهر بتلاتٌ لتضميد جروح الهيام، متأملة بأنني آخر مصابين هذا السقم.

هُنا على ضِفاف الحَنين بتّ أشكي خيبة الحُب، خيبة الأمل، وخيبة الوعود الزائفة، هُنا حيث لا فرح يتجول بالأرجاء، الجميع هُنا يشهد مأساة الآخر جَريرة مايُسمى (الحُب)، وتفوح رائحة الخُذلان لتُغطي سمائُنا؛ مُشَكلةٌ سحابة تطفوا على الوجود؛ فتمنع أشعة الشَمس من تخلُلِها، أعدتُ التدثر بثوبي المنسوج وبتّ أرتجي النِسيان الولوج لِقلبي الملكوم بأثم الحب.

نظرت لبقايا الورقة المنشودة المُبللةِ بدموع الشوق لمجهول لن يقرأ حرف منها، ألم أجلس هُنا لأحرق بقايا ذكراه فلما أستحكم الحنين اوغاله على عنقي، أعدت النظر لغيمة الخُذلان فوق رأسي أرتجي هطول غدقها فتَغسلُ روحي فأشفى منه، علّه يذهب مع سيل المياه حيث لا عودة، لكنها أبت الهطول، وتاخذت قرار المُكوث بجسدي المُرتجف، على حافةِ النِسيان نَسيتهُ ونَسيتَني مَعه.

طويت حواف الورقة مشكلة صاروخ ورقي، نظرت حولي لآخر مره علّي آرى مُرادي بين زحام العشاق ها هُنا؛ لكنه حتى لم يكلف نفسه عناء التفكير بي، حلقت الورقة بسمائي المُلبدة بالغيوم ما إن اقتربت حيث نبض قلبه حتى هطل المطر فتهاوت على بذوري، كأنه لم يكتفي بما حدث انفًا فأراد سن سكينة لجز آخر شعور ينتابني، شعور الشوق لعناق بات مُستحيل.

في صباح اليوم الرابع لشهر مارس الساعة الرابعةِ وأربعة وأربعين دقيقة وأربع ثوان نزلق قلبي عن حافة النسيان فما عاد بي من شعور بُتر الإحساس بربيع فجر مارس.

بقلم:فرح فيصل الشيخ

تم عمل هذا الموقع بواسطة