لقد وجدتُ بطلتي المفضلة .. تلكَ اليدُ الّتي تلمس الحجَر فيحنّ .. وتروّض الأسد وتزرعُ الفراولة..
اللّطيف في الأمر أنها لم تكن داخل رواية .. ولكنني سأجعل منها روايتي الوحيدة ..
بطلةً تأخذُ بمجامعِ ثوبي للّٰه .. تمشيِ الهُوينةَ حِذوي دونَ ضجرٍ ..
بطلةً حفظتُ وجهها لسنوات حين إلتقت عينانا على عجلٍ في إحدى محطات مترو العاصمة .. حينها كانت قدمايَ تجرّانني لِحتفي لكنّ قلبي صمت .. وربما اندفاع الدم لعقلي أعاد لي رشدي ..
**
كانت مصدَرًا للحَياة بِشـالها الأزرقِ وفستانها الأسود.. إبتسامتها الرّقيقة ومشيتها المتعثّرة الطّفولية ، حينها فقط عَلمت أنّ الأوطان ربما تكون شخصًا واحدا ..
****
كُنتِ تقولين لي دآئما :" أنا أثقُ بكَ .. أنت الّذي لم يهزمكَ مرضي وسوءُ حالتي عن رؤية وجهي مزهرًا .. لن يستطيع همّ عابرٌ تثبيطكَ عن حُلمك ..
*****
قبل ذلكَ اليوم ، كانت حالتي النّفسية متدهورة .. هرٍبت من البيت على عجَلٍ .. إحدى ساقايَ جُرِحتا أثناء سيري حافيا على الشاطئ ..
حَبستُ أنفاسي مرارًا وتكرارا .. لعنتُ نفسي وفَشلها ، شَتمتُ سنوات عمري الّتي مضت وتمضي دونَ جديد .. إصطحبتُ معي الهمّ والغمّ وتكالبت على نفسي الظّنون السّوداء وقرّرت إنهاء الأمر ..
حينَ هممتُ بِخطوِ خطوةٍ نحو سكّة الموت .. أقبلتِ " أنتِ "
فتوقّفت الأفكار عن التّدفّق لرأسي .. شُلّت قدماي وتصلّبتُ في مكاني .. وصرت في عالم البرزخِ ..
وكنتِ منقذتي ،
فقط ثلاث ثوانٍ ..حين ألتقى بُنّ عينيكِ بليلِ مقلتاي ، ثمّ أنزلتِ رأسكِ ، وإبتسامةٌ بلهاء لاتزال تغزو مُحيّاي ..
" يقولونَ أنّ وحدهم من أصابهم الجفاء يُدركونَ معنَى أن تمُرّ من فوقهم غيمة " وقد كنتِ غيمتي - يا لُجين - ..
وقد جَعلَ اللّٰه من الماء كلّ شيءٍ حيّ ..وجعل من الحبّ قلبي حيا ..
لقد شاركتني غَرقي وحوّلتي عتمتي نورا يا عصا موسى السحرية ..
قد هَللتِ وردًا بقلبٍ عجوزٍ..
أحيَـيْـته بِسورةٍ النّور حينها تلوتها بِصوتِك الطفولي .. فٱستحال همّي دمعًا .. لم أخجل قطّ من البكاء أمامكِ وأنا صاحب اللحيو السّوداء والمنكبين العريضين والصوت القاسي ..
خانتني قوّتي يا لُجين .. وصرت أمامكِ ذلك الطّفل الصغير ..
***
" ثلاثُ ثوانٍ فقط .. "
***
أنا اليومَ أحتفلُ بعاميَ الثانيِ من دونكِ ..
هذا اليوم هو يومِ رحيل جَنّتي الدنيويّة لجنّةِ اللّٰه ..
دائما ماكان اللّٰه أرحمَ بنا من أنفسنا .. حين أنقذكِ من عذاب المرضِ - يا ملاكَ دنياي - وحين أنقذنِي بكِ من شقاء روحي ..
حينَ شُفيتُ من حبّ الدّنيا وذقتُ معكِ حبّ اللّٰه ثمّ ذُبتِ كسُكّرةٍ لطيفة ورحلتي تاركةً ورائكِ كلّ شي حلوٍ ..