موتُ الشغفِ


كمْ هوَ غريبٌ عندَما يفقدُ المرءُ الشغفَ! لنْ يكونَ دقيقًا بتصرفاتِهِ، لا يتألمُ قلبُهُ، لنْ ينشغلَ عقلُهُ بالتفكيرِ؛ فالصدمةُ لا تكمنُ بالقدرةِ على مجاراةِ الواقعِ؛ بلْ تكمنُ بتصديقِ ما وقعَ؛ فبعضُ الوقائعِ لا نستطيعُ الإقرارَ بوقوعِها حتى لوْ كانَتْ سببًا لوقوعِنا. أحببتُ بقدرِ صدمتي، وَكرهتُ بقدرِ خيبتي...
مِنْ هذا المنطلقِ أنطلقُ، حتى الملل ملَّ مني لما ألمَّ بأنَّني أملكُ كلَّ الأملِ بأنني لنْ أملَّ منها، أحبَبْتُ فتاةً ملكَتْ كلَّ الشغفِ الذيْ كانَ لديَّ ثمَّ قامَتْ بِقتلِهِ، لمْ تتركْ لِيْ شيئًا منْهُ وَلا لِلأخريَاتِ، أحببْتُهَا حبًّا تلاشَتْ لَهُ كلُّ قوانينِ الحياةِ؛ لِتفعل قلوبُنَا ما تشاءُ، وَتُوَجهُ عقولُنَا إلى بعضِهَا فيْ كلِّ مساءٍ، ليسَ مجرد ذوقٍ؛ بلْ واقع أعيشُهُ وَينعشُهَا، كانَتْ تهتمُّ بِيْ لِدرجةِ أنَّهَا عندَما تغضبُ كانَتْ تقررُ عدمَ الردِّ على رسائلِي التي كنْتُ أرسلُهَا بعدَ منتصفِ الليلِ؛ بعدَ أنْ تفتحَهَا، وَتقرأَهَا، وَتتمعنَهَا، وَتفهمَهَا، وَتفسرَهَا. تقومُ هيَ بِالتعليقِ على كلِّ منشورٍ كنْتُ أنا قدْ علقْتُ عليْهِ، كَأنَّهَا تقولُ: "انظرْ، ها أنا موجودة، وَما زلْتُ على قيدِ الحياةِ"، بينَما أفهمُ أنا ذلكَ: "أنا خائنةٌ، أنا ميتةٌ، أنا حقيرةٌ".
وجودُهَا أسعدَنِيْ، لا أنكرُ ذلكَ؛ لكنْ لمْ أنتبهْ لِغيابِهَا صراحةً، هيَ أسوأُ منْ حسنِهَا، أقبحُ منْ جمالِهَا، أحقرُ مِنْ نبالتِهَا، كنْتُ أعتقدُ أنَّهَا سَتندمُ يومًا ما على سذاجتِهَا، وَمكرِهَا، وَخيانتِهَا، إلى أنِ اكتشفْتُ أنَّ ذلكَ هوَ أصلُهَا، وَذلكَ ما يناسبُهَا، وَذلكَ ما هيَ عليْهِ حقًّا، الجميعُ يجربُوْنَ لوعةَ الحبِّ؛ لكنْ أنا كنْتُ منْ ضمنِ الأقلةِ الذِيْنَ اتخذُوْا قراراتٍ جريئةً مميتةً تهيضُ القلبَ.
أَتظنِّيْنَ يا خطيئتِيْ أنَّ رؤيتَكِ معَ غيرِي هوَ أمرٌ طبيعِيٌّ؟ وَاللهِ يا خطيئتِيْ أنَّ ذلكَ قدْ نسفَ قلبِيْ؛ لكنَّ قلبَكِ الحقيرَ لمْ وَلا وَلنْ يتسحقَّ ذلك؛ أنا آسفٌ يا خطيئتِيْ، لمْ أستطعْ إخراجَكِ مِنْ قلبِي، وَلا أستطيعُ الكذبَ بِمشاعرِي، وَبِالتأكيدِ لنْ أستطيعَ إيذاءَكِ، وَلا يمكنُنِيْ أنْ أشاركَكِ شيئًا مِنَ الشغفِ؛ لِذلك أكتبُ، فَالمسألةُ مسألةُ وقتٍ يا خطيئتِي، قولِي لِي يا خطيئتِي، مِنْ أينَ أتيْتِ بِكلِّ ذلك البرودِ وتلك اللامبالاةِ لِتخونِي بِتلك الطريقةِ الساذجةِ وَبِذلك الشكلِ العلنيِّ؟
أما الآنَ..فَرسالتِي إليْكَ قلبِيْ: 'عليْكَ بِالابتعادِ حقًّا، ابتعدْ عنِ الجميعِ، وَلا تسمحْ لِأيٍّ منْهُنَّ بِالاقترابِ؛ فَلنْ تكونَ رائعًا كَما كنْتَ'، وَرسالتِيْ إلى كلِّ ضحيةٍ منْ ضحايا الشغفِ وَقتلاهُ: 'اعثرْ على مَنْ تحبُّ ثمَّ قمْ بِقتلِهِ، لا تعطِ كلَّ الشغفِ الذي تملكُ؛ لِأنَّكَ سَتتعرض لِلغدرِ؛ فَزيادةُ الشغفِ تفقدُ الاهتمامَ، احتفظْ بِشيءٍ لِنفسِكَ أوْ لِخائنٍ آخرَ؛ فَقدْ علمْنَنِيْ أنَّ الحبَّ خيالٌ، وَأنَّ الأنثى كفنٌ، وَأنَّ الكفنَ آخرُ الزمانِ'.

02-02-2019، 08:12.
#لؤي_العريني_القنصل_شغف 

تم عمل هذا الموقع بواسطة