16 Mar
16Mar

لقد وصلتها دعوة لحفل رسم الحناء في روما الحب وبصورة إعتيادية لقد إستانفت كتابة ما كانت تجيده بعد العزف فكتبت:صفحة رقم مئة وأربع وعشرين روما الساحرة أما بعد ,الملامح الرائعة التي تغزو أيامنا فتضيف إليها رونق من لمعان هنا في روما كل شي ينساب كالجدائل ينشر جماله كالمواسم الربيعية والنسمات الصيفية يرسم لوحة من قشعريرة تكسوها الألوان الزاهية,هنا في روما الحب بأسمى آياته يأخذك بحلاوته ويبهرك بشعورك أن تشتاق أحدهم دون أن تعرف من هو,هنا في روما تزاحمت مفرداتي وتوارت بين ستائر الخمائل غير مبالية بالحضور فتترنح بعشقها من بعض القطرات منشيه,هنا في روما استقامت كل القوانين المعوجه حين إيقنت أن الحب طقس قديم خالد منذ قديم الزمان وما اندثر حتى عصرنا هذا, مساء الساعة السادسة هو وقت حفلها المنتظر حين إستيقظت بنصف عين غير مبالية للوقت وبالنصف الأخر تتلهف حلول المساء.

رفعت سماعة الهاتف وطلبت خدمة الغرف قائله :صباح الخير أود الحصول على فنجان قهوة بلا سكر ذات وجه كثيف وبعض من الشوكولاته لغرفة رقم مئة.نظرت لخارج النافذه وأردفت قائلة إيضاَ:هذا الصباح البنفسجي يليق بوداعي الأخير فانا أخر الأحياء من هدنة الحزن يا روما,أدارت المذياع على صوت فيروز وصوتها الشجي يصدح للسلام فغنت: أيه فـي أمل .

لقد صدح المذياع بصوت يطربها تارة لحلاوة من تغني في أثيره,وتارة أخرى يشج أوجاعها التي دفنتها منذ ثلاثون عاماَ في محاولات لتنساها,فالأزمنة قد تتغير وكذلك الأماكن قد تتغير,والناس إيضاَ تتغير لكن الحب لا يغير الحنين لما قد يشيب في قلوبنا لأننا أحببناه,لقد أعادت قولها وكررته:كل شي يتغير ويظل الجمال واحداَ لا يبهت لونه ولا يشيب.ساعات قليلة ويبدأ ذاك الحفل المنتظر من سنين طوال حيث كان من المقرر بأن يقام الحفل في قاعة الزمرد بقصر شخصاَ ما يقال له في روما بعلاء الأبيض سائلة لسائق التاكسي:هل تعلم من هو علاء الأبيض ولمى سميت القاعة بهكذا أسم .

رد السائق عليها متعجباَ:والست تعرفين من هو علاء الأبيض إنه أبا كل الفقراء في إيطاليا سيدتي ويقال بأنه يمتلك قصراَ يشبه بقصور الأحلام لشدة ما به من خارج عن المألوف,أما قاعة الزمرد تلك فليس في روما كلها ما يشبها لأنها صممت من الكريستال الأبيض الشفاف المطعن باللون الوردي الملون كما ويقال بإن ما صممه كان يتسلح بعلم الفلك.أردفت قائلة:علم الفلك؟وكيف هذا؟. فأجابها:يقال بإنه حين تشرق الشمس وتغرب تصدر من تلك القاعة أصوات عزف موسيقي إذ أنهم قالوا بإن بتلك القاعة بيانو صمم لشخص لم تعرف هويته للأن فهو يتحرك مع الأفلاك ولا تضاهيه اَلة موسيقية أخرى.لقد خافت في سرها فما قاله السائق يحمل نفس ما ينطبق على ما كانت تعيش لأجله وتحلم بأن تبقى تراقص نوتاته فأردفت في سرها:ليس السر في القاعة بل بالبيانو.

لقد وصلت لوجهتها وتحتاج لومضة من الضوء نجمة من قطب ساهي تهديها للسبيل لتعرف الحقيقة,وفي طرقات السير المخصصة لدرب القاعة حدث ولا حرج عن جمال ما صمم سارت مع الماره كيلومتراَ حتى وصلوها للباب الرئيسي,وفي أثناء السير لم تنسى ما كان يردده المعازيم من ثناء على كل شبر في زقاق الطرقات,فقال أحد المدعوين لها فور دخولها للقاعة: سيدتي إطلالتك عربية بحتة ساحرة ملفتة للأنتباه لكن كيف لمى اخترتها وأنت في أحدث دول العالم معاصرة للموضة؟.

أردفت:ذات يوم سافر والدي لعمان فذهبت معه وكنت طفله آنذاك وفي صبيحة اليوم التالي قررت النزول للسوق فرأيت إمراة في ذروة حزنها حين جفت ملامحهما وغادرها ربيع ضحكاتها فحين رفعت عن ساقها رأيت خلخالاَ ترتديه فأعجبني برنته فسألتها بأن تعطني واحداَ مثله,فقالت لي:القرى لا تعاش بلا سكان كذلك الروح تموت خاوية بلا تفاصيل فالتفاصيل يا بنيتي مغاريف جمال دائمة الحضور متوهجه خذي هذا لك فأعطتني الذي أعجبني.فقال لي اَخر:وماذا عن زيك؟فأجابته:لقد حاكته لي إمراة عجوز إذ كان فستاناَ صمم من شغف له أزرار من الخصر من الأمام وبعض الكسرات حول العنق تلتف للمنتصف وتضع على رأسها قبعة من زمان مجيد لتحكي في طلتها الفرح .

لقد بدأت الحفلة بدخول الضيوف من كبار المدعوين في روما وبدأت أصوات الأحاديث تعلو الصالة حتى خارجها,فرائحة النعنع التي كانت تهب نسائمه كل تارة تعيد الحياة لخراب الأرواح التي أماتها الحياة " أيلينا"كانت منهم لتمضي وبلا وعي منها نحو زاوية في اَخر القاعة لتبلل روحها بولادةً جديدة برويتها " لطل البنفسج"نعم أنه هو ذاك الحلم الذي سلب منها منذ ثلاثون عاماً مضت فلقد وضع كما يستحق أن يوضع,وضع على سطحً دائري يرتفع عن الأرض قرابة الثلاثون سنتم تزينه ثريا متدلية من السقف محاطه بزهور التوليب والفوانيا ملونه ذات رائحة عطره اَخاذه للأنفاس,قشعريرة الحنين تقفدقها صوابها فراحت أصابها تتحس ذاك الحب الذي إيقظ رغباتها الجامحة,لقد إنهمرت دمعاتها حين تحسست ذاك النقش الذي كتبته على غطاء النوتات "من يستبيح قتل أحلام إمراه لا يستحق حبها".لقد لاحظ الأبيض ما جرى عن دون من وجد في الصالة لقد أبتعدت عن ما كانت تذرف لأجله الدموع,أردفت شيلا زوجة الأبيض كلمتها قائلة:يا علاء لمى لا تكتشف السر,فأجاب:بلا سأعرفه.سار حتى وصل لذاك البيانو فرفع يده اليمنى وعزف نوته,فرفعت رأسها بتردد لكنها لم تنظر لخلفها خوف أن لا تفضحها ملامحها,رفع يده ثانية وعزف نوتة أخرى,ولكنها لم تبرح مكانها فراقبها المدعوين بلهفة المنتظرين,فأعاد الكره مره,واثنتان,وثلاثة حتى سلم اليأس لهفته فعاود أدراجه بخيبة إلى أن حدثت المفأجاه فحين التفت للخلف كانت جالسة.وما بين ثوان المراقبة والإنتظار لرد فعلها وأصوات المدعوين دقت أول نوتة وتجرأت ودقت الثانية فأصابت سهام الحب والسحر من تواجد في القاعة لقد فاق حنينها كاسياً جمال عزفها رهبة لوقع مكنوناتها وصرخات شوقها ,رائحة الماضي أعادت شبابها الجامح راحت تلمع عيناها كأضواء النجوم في ذروة تألقها,أردفت شيلا بنوبةً من جنون:إنها تعزف ضوء القمر.

لقد حررت كل من تواجد في قاعة الزمرد من الأوقت ملامسةً قلوبهم بحب النوتات لتزيد صعوبة الموقف بعناقاً لن تنساه روما بأكملها لشدة خصوية صوتها الذي تفجرت أنوثته,لقد أنزلقت بخانة المشاعر الحريرية حين بدأ الجميع بالرقص كثنائيات لقد كان عزفها وصوتها عقيدة في الحب المخضرم.كان علاء الوحيد من رصد كل ما يتعلق بها وبرغبة ملحة لمعرفة من هى قال:سيدتي أنتي تعزفين كأنك,مقاطعتاً إياه قائلة:أنا صاحبة هذا السحر كله "طل البنفسج"لي قد باعه زوجي الذي لا يستحق من الحب أسمه,واليوم لقد أعدتني ثلاثون عاماً مضت,تذكرت فيها كل ما جمعة من الصدف كي أمتلكه,وبحيرة من أمره قال:صَدف,أجابت:جمعت صدف الشواطىء ثلاثون عاماً وها أنا أعزف عليه للمره الثانية مع مرور ثلاثون عاماً أخرى شكراً لك.

لقد مضت تاركةً خلفها سحر عاريٌ من الدفىء حين أردفت قائلة للأبيض:كان هذا وداعي الأخير .

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة