حقيقةً مما أثار دهشتي في الأونة الأخيرة انتشار تلك الظاهرة كالنار في الهشيم، ولكوني من متابعي مواقع التواصل الاجتماعي باستمرار بدا لي واضحاً أن فئةً كبيرةً من المتنمرين هم من المثقفين والجامعيين، هذا إن دلّ على شيءٍ إنما يدلّ على هشاشة الرابط ما بين العلم والأخلاق، فكم من أمُيٍّ لا يجيد القراءة والكتابة سمى بأخلاقه على نقيض ما أتى به مثقفٌ متعلم، بالطبع فإني لا أشمل بكلامي هذا جميع المثقفين إنما ثلّةٌ باتت كبيرةً للأسف..
خلال حوارٍ سابق عن تلك الظاهرة وردتني بعض المبررات على أنها لم تكن تنمراً بقدر ما كانت للترفيه والفكاهة، حيث تناسى أولئك المرفهين مشاعر الأخرين، بينما كان مبرراً أخراً بأن أصحاب تلك الصور هم من يتداولونها أولاً ويقومون بنشرها على حساباتهم الشخصية ومن ثَم تصل للعامة ليصبح تداولها شأنه شأن الوردة التي ترفق بعبارة _ صباح الخير او عيد سعيد _
وإن يكن ذلك صحيحاً، فإنه لا يبرر أن يتخذ أبناء الجامعات وذوي العقول المستنيرة صوراً وعباراتٍ بتلك التفاهة وكأنها اقتباساتٌ مأثورة..
بشكلٍ أو بأخر اعتقد أن وسائل التواصل ساهمت بتعرية المجتمع لتكشف عن كمية الأمراض التي تغزوه، هذا عدا عن أنها انحرفت عن المسار الذي وجدت لأجله لتصبح منصةً لنشر السخافة..
يضيق صدري كلما رأيت هذا الواقع المتأزم لأحفاد الأمويين والعباسيين والحضارات العريقة وهم يعودون أدراجهم باتجاه الجاهلية، بل ويتجاهلون ما كان لأهل الجاهلية من مكارم أخلاق.
من المؤسف حقاً أن تُستخدم الحضارة خلافاً لما يستخدمه الأخرين فنستمر نحن بالتراجع ويستمرون هم بالتقدم... ولكن إلى متى؟؟؟
.....